فصل: قال الشريف الرضي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة الممتحنة:
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} (1) مجازها: المودة {تسرّون إليهم بالمودّة} (1) مثلها..
{قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالوا لِقَوْمِهِمْ} (4) ثم استثنى.
{إِلَّا قول إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ}.
{فَامْتَحِنُوهُنَّ} (10) أخبروهن، وخبرته وامتحنته..
{بِعِصَمِ الْكَوافِرِ} (10) العصمة الحبل والسبب..
{وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فعقّبتم} (11) وعاقبتم واحد أي أصبتم عقبى منهن.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها الامتحان:

.[سورة الممتحنة: الآيات 1- 2]

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [1] وهذه استعارة على أحد التأويلين، وهو أن يكون المعنى: تلقون إليهم بالمودة ليتمسّكوا بها منكم. كما يقول القائل: ألقيت إلى فلان بالحبل ليتعلق به، وسواء قال: ألقيت بالحبل، أو ألقيت الحبل. وكذلك لو قال: ألقيت إلى فلان بالمودة، أو ألقيت إليه المودة. وكذلك قولهم: رميت إليه بما في نفسي، وما في نفسي، بمعنى واحد.
وقال الكسائي: تقول العرب: ألقه من يدك وألق به من يدك، واطرحه من يدك، واطرح به من يدك، كلام عربي صحيح. وقد قيل: إن في الكلام مفعولا محذوفا، فكأنه تعالى قال: تلقون إليهم أسرار النبي صلى الله عليه وسلم بالمودة التي بينكم. وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين، كانوا يخالّون قوما من المنافقين، فيتسقّطونهم أسرار النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم، استزلالا لهم، واستغمارا لعقولهم.
وقوله سبحانه: {وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} [2] وهذه استعارة.
لأن بسط الألسن على الحقيقة لا يتأتّى كما يتأتّى بسط الأيدي، وإنما المراد إظهار الكلام السيئ فيهم بعد زمّ الألسن عنهم، فيكون الكلام كالشيء الذي بسط بعد انطوائه، وأظهر بعد إخفائه.
وقد يجوز أيضا أن يكون تعالى إنما حمل بسط الألسن على بسط الأيدي، ليتوافق الكلام، ويتزاوج النظام، لأن الأيدي والألسن مشتركة في المعنى المشار إليه، فللأيدي الأفعال وللألسن الأقوال. وتلك ضررها بالإيقاع، وهذه ضررها بالسّماع.

.[سورة الممتحنة: آية 10]

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)}
وقوله سبحانه: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [10]} وقرأ أبو عمرو وحده {تُمْسِكُوا} بالتشديد، وقرأ بقية السبعة {تُمْسِكُوا} بالتخفيف. وهذه استعارة. والمراد بها: لا تقيموا على نكاح المشركات، وخلاط الكافرات، فكنى سبحانه عن العلائق التي بين النساء والأزواج بالعصم، وهى هاهنا بمعنى الحبال، لأنها تصل بعضهم ببعض، وتربط بعضهم إلى بعض. وإنما سميت الحبال عصما، لأنها تعصم المتعلق بها والمستمسك بقوّتها. وقال الشاعر:
وآخذ من كل حيّ عصم

لا أي حبالا. وهى بمعنى العهود في هذا الشعر.
وقال أبو عبيدة: العصمة: الحبل والسّبب. وقال غيره: العصم: العقد. فكأنه تعالى قال: ولا تمسّكوا بعقد الكوافر، أي بعقود نكاحهن. وأبو حنيفة يستشهد بهذه الآية على أنه لا عدّة في الحربية إذا خرجت إلى دار الإسلام مسلمة، وبانت من زوجها بتخليفها له في دار الحرب كافرا: ويقول إن في الاعتداد منه تمسّكا بعصمة الكافر التي وقع النهى عن التمسك بها. ويذهب أن الكوافر هاهنا جمع فرقة كافرة، كما أن الخوارج جمع فرقة خارجة. ليصحّ حمل الكوافر على الذكور والإناث.
ويكون قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا} خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. والمعنى:
ولا تأمروا النساء بالاعتداد من الكفار، فتكونوا كأنكم قد أمرتموهنّ بالتمسك بعصمهم.
وقال أبو يوسف ومحمد يجب عليها العدّة. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الممتحنة:
المؤمن لا يقبل دنية ولا يرضى بهوان، ويبذل جهده لمدافعة ظالميه؛ فماذا غلب على أمره أسر المقاومة وانتظر مع اليوم غدا يبلغ فيه مراده، ويحقق فيه قول الله سبحانه: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}. وقد هزم المسلمون أول تاريخهم في مكة وطردوا من ديارهم شر طردة، فرفضوا الاستسلام للبغي واشتبكوا مع عدوهم في حرب مرة وصابروا الليالي حتى تحقق لهم النصر. ومن الناس من يستوعر طريق الكفاح وينتهز الفرصة لقبول الأمر الواقع ولا يرى حرجا في الاستخذاء أمام عدوه حرصا على سلامته أو سلامة أهله. ولهؤلاء يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق...}. إن من السقوط أن تلين لمن يريد قهرك ويحط قدرك! ويحقر دينك ويحاول فتنتك {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون}. ويقول أبو الطيب. ذل من يغبط الذليل بعيش رب عيش أخف منه الحمام واحتمال الأذى ورؤية جانيه غذاء تضوى به الأجسام والوفاء للعقائد والمبادئ يفرض الولاء لمن يواليها والبراءة ممن يعاديها واعتراض من يعترضها. كذلك فعل أتباع الأنبياء في جميع الأعصار. ولذلك يقول الله للمسلمين {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده...}. والمسلمون بذلك لا يشترون الخصومة أو يجنحون إلى التهجم. إنهم يردون العدوان ويعلنون بقاءهم على دينهم إلى آخر رمق. وفي تحديد العلاقة بين المسلمين وأعدائهم في العقيدة، يقول الله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}. لقد رأينا العبث الشديد بالمواثيق الدولية، وبحقوق الإنسان، ورأينا ألوفا مؤلفة من المسلمين يغار عليهم، فيدعون بيوتهم لمن يسكنها ويعيشون هم في العراء عشرات السنين، فهل الرضا بذلك شرف؟ وهل الغضب لذلك تعصب ديني؟ إن الله يحب العدل، فأين العدل في استضعاف المسلمين على هذا النحو الأثيم؟ الحق أن استنهاض الهمم عالميا لتغيير هذه الأوضاع عبادة لله، وإنصاف للبشر، واحترام للإنسانية. والدول الكبرى لا تهتم إلا بمصالحها الخاصة، ولا تكترث بما يصيب الآخرين! وهذا لا يجوز... ومن هنا كان الحب في الله والبغض في الله من عناصر الإيمان، فإذا أحببت جائرا لنفع يعود عليك أو كرهت عادلا لطمع لم يسقه إليك، فاتهم إيمانك! إن المشاعر المعتلة دليل إيمان مزيف. وقد ختمت السورة بما بدئت به من ضرورة التعصب للحق وحده والانحراف عن أهل الريبة والفسق {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور}. وحدث في معاهدة الحديبية عندما أملى المشركون شروطهم على المسلمين أن فرضوا هذا البند الغريب: من ترك مكة مسلما لم يجز لأهل المدينة أن يستقبلوه مهاجرا معهم. ومن ترك المدينة مرتدا فلأهل مكة أن يؤمنوه ويطمئنوه!! وقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجاهلية المتكبرة، وشاء الله أن يكون أهل مكة أول من يكوى بنارها ويسعى لإلغائها. لكن بعض النساء في مكة شرح الله صدورهن للإسلام فأين يذهبن؟ لقد نزل الوحي آذنا بقبولهن في المدينة، فلا مساغ لتشريدهن في الأرض {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار..}. ونلاحظ أن المسلمين أمروا بتعويض المشركين الذين آمنت نساؤهم، كما أن هناك نساء لحقن بأهل مكة مرتدات، فقال الله تعالى: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم}. وهذه تنظيمات عادلة تدل على روح الدين ولم يطل بها عهد، فسرعان ما فتحت مكة ودكت معاقل الوثنية وبنيت الأسر المسلمة على التوحيد الخالص. على أن الإسلام- كما تقرر في سورة المائدة أباح الزواج بالمحصنات من الكتابيات، وأين هن اليوم؟ إن الحضارة الحديثة قلما تعرف الإحصان، فقد غاضت في ربوعها مواريث النبوات الأولى... وانتهت سورة الممتحنة بهذا الميثاق: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله...}. وقد بايع النبي النساء بعد فتح مكة، وكانت المبايعة شفوية لم يضع يده في يد واحدة منهن... إن الذي يقرأ قصة الحضارة لديورانت يعلم أن الجو الديني قد يذهب طهره كله بالعلاقة الفوضوية بين الرهبان والنساء، فمن الخير المباعدة بين أنفاس هؤلاء وأولئك، ولذلك حدد النبي صلاته بالنساء الأجنبيات تحديدا صارما، {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}. اهـ.

.في رياض آيات السورة الكريمة:

.فصل في أسرار ترتيب السورة:

قال السيوطي:
سورة الممتحنة:
أقول: لما كانت سورة الحشر في المعاهدين من أهل الكتاب، عقبت بهذه، لاشتمالها على ذكر المعاهدين من المشركين، لأنها نزلت في صلح الحديبية ولما ذكر في الحشر موالاة المؤمنين بعضهم بعضًا، ثم موالاة الذين من أهل الكتاب، افتتح هذه السورة بنهي المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء، لئلا يشابهوا المنافقين في ذلك، وكرر ذلك وبسطه، إلى أن ختم به، فكانت في غاية الاتصال، ولذلك فصل بها بين الحشر والصف، مع تآخيهما في الافتتاح بـ: (سبح). اهـ.

.تفسير الآيات (1- 3):

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
{بسم الله} الكافي من لجأ إليه فمن تولاه أغناه عمن سواه (الرحمن) الذي عم بنعمة الإيجاد من فلق عن وجوده العدم وبراه وشمل، برحمته البيان من حاطه بالعقل ورعاه (الرحيم) الذي خص بالتوفيق من أحبه وارتضاه.
ولما كان التأديب عقب الإنعام جديرًا بالقبول، وكان قد أجرى سبحانه سنته الإلهية بذلك، فأدب عباده المؤمنين عقب سورة الفتح السببي بسورة الحجرات، وكانت سورة الحشر مذكرة بالنعمة في فتح بني النضير ومعلمة بأنه لا ولي إلا الله، ولذلك ختمها بصفتي العزة والحكمة بعد أن افتتحها بهما، وثبت أن من حكمة حشر الخلق، وأن أولياء الله هم المفلحون، وأن أعداءه هم الخاسرون، وكان الحب في الله والبغض في الله أفضل الأعمال وأوثق عرى الإيمان، ولذلك ذم سبحانه من والى أعداءه وناصرهم، وسماهم مع التكلم بكلمة الإسلام منافقين، أنتج ذلك قطعًا وجوب البراءة من أعدائه والإقبال على خدمته وولائه، فقال معيدًا للتأديب عقب سورة الفتح على أهل الكتاب بسورة جامعة تتعلق بالفتح الأعظم والفتح السببي: {يا أيها الذين آمنوا} مناديًا بأداة العبد وإن كان من نزلت بسببه من أهل القرب، ومعبرًا بالماضي إقامة لمن والى الكفار نوع موالاة في ذلك المحل إلهابًا له وتهييجًا إلى الترفع عنه لئلا يقدح في خصوصيته ويحط من عليّ رتبته مع اللطف به بالتسمية له بالإيمان حيث شهد سبحانه على من فعل نحو فعله مع بني النضير بالنفاق وأحله محل أهل الشقاق، فحكم على القلوب في الموضعين فقال هناك: {الذين نافقوا} كما قال هنا: {الذين آمنوا}.
ولما كان قد تقدم في المجادلة النهي الشديد عن إظهار مطلق الموادة للكفار، وفي الحشر الزجر العظيم عن إبطان ذلك فتكفلت السورتان بالمنع من مصاحبة ودهم ظاهرًا أو باطنًا، بكت هنا من اتصف بالإيمان وقرعه ووبخه على السعي في موادتهم والتكلف لتحصيلها، فإن ذلك قادح في اعتقاد تفرده سبحانه بالعزة والحكمة، فعبر لذلك بصيغة الافتعال فقال بعد التبكيت بالنداء بأداة البعد والتعبير بأدنى أسنان الإيمان: {لا تتخذوا} وزاد في ذلك المعنى من وجهين: التعبير بما منه العداوة تجرئة عليهم وتنفيرًا منهم والتوحيد لما يطلق على الجمع لئلا يظن أن المنهي عنه المجموع بقيد الاجتماع والإشارة إلى أنهم في العداوة على قلب واحد، فأهل الحق أولى بأن يكونوا كذلك في الولاية فقال: {عدوي} أي وأنتم تدعون موالاتي ومن المشهور أن مصادق العدو أدنى مصادقة لا يكون وليًا فكيف بما هو فوق الأدنى وهو فعول من عدى، وأبلغ في الإيقاظ بقوله: {وعدوكم} أي العريق في عداوتكم ما دمتم على مخالفته في الدين.
ولما وحد لأجل ما تقدم من الإشارة إلى اتحاد الكلمة، بين أن المراد الجمع فقال: {أولياء} ثم استأنف بيان هذا الاتحاد بقوله مشيرًا إلى غاية الإسراع والمبادرة إلى ذلك بالتعبير بقوله: {تلقون} أي جميع ما هو في حوزتكم مما لا تطمعون فيه إلقاء الشيء الثقيل من علو {إليهم} على بعدهم منكم حسًا ومعنى {بالمودة} أي بسببها.
ولما توقع السامع التصريح بمضادتهم في الوصف الذي ناداهم به بعد التلويح إليه، ملهيًا ومهيجًا إلى عداوتهم بالتذكير بمخالفهم إياه في الاعتقاد المستلزم لاستصغارهم لأنه أشد المخالفة {وقد} أي هو الحال أنهم قد {كفروا} أي غطوا جميع ما لكم من الأدلة {بما} أي بسبب ما {جاءكم من الحق} أي الأمر الثابت الكامل في الثبات الذي لا شيء أعظم ثباتًا منه، ثم استأنف بين كفرهم بما يبعد من مطلق موادتهم فضلًا عن السعي فيها بقوله مذكرًا لهم بالحال الماضية زيادة في التنفير منهم ومصورًا لها بما يدل على الإصرار بأنهم {يخرجون الرسول} أي الكامل في الرسلية الذي يجب على كل أحد عداوة من عاداه أدنى عداوة ولو كان أقرب الناس فكيف إذا كان عدوًا، وبين أن المخاطب من أول السورة من المهاجرين وأن إيراده على وجه الجمع للسير والتعميم في النهي بقوله: {وإياكم} أي من دياركم من مكة المشرفة.
ولما بين كفرهم، معبرًا بالمضارع إشارة إلى دوام أذاهم لمن آمن المقتضي لخروجه عن وطنه، علل الإخراج بما يحقق معنى الكفر والجداوة فقال: {أن} أي أخرجوكم من أوطانكم لأجل أن {تؤمنوا} أي توقعوا حقيقة الإيمان مع التجديد والاستمرار.
ولما كان الإيمان به سبحانه مستحقًا من وجهي الذات والوصف لفت الخطاب من التكلم إلى الغيبة للتنبيه عليهما فقال: {بالله} أي الذي اختص بجميع صفات الكمال، ولما عبر بما أبان أنه مستحق للإيمان لذاته أردفه بما يقتضي وجوب ذلك لإحسانه فقال: {ربكم} ولما ألهبهم على مباينتهم لهم بما فعلوا معهم وانقضى ما أريد من التنبيه بسياق الغيبة عاد إلى التكلم لأنه أشد تحببًا وأعظم استعطافًا وأكمل على الرضا فألهبهم بما كان من جانبهم من ذلك الفعل أن لا يضيعوه، فقال معلمًا إن ولايته سبحانه لا تصح إلا بالإيمان، ولا يثبت الإيمان إلا بدلائله من الأعمال، ولا تصح الأعمال إلا بالإخلاص، ولا يكون الإخلاص إلا بمباينة الأعداء: {إن كنتم} أي كونًا راسخًا حين أخرجوكم من أوطانكم لأجل إيمانكم بي {خرجتم} أي منها وهي أحب البلاد إليكم {جهادًا} أي لأجل الجهاد {في سبيلي} أي بسبب إرادتكم تسهيل طريقي التي شرعتها لعبادي أن يسلكوها {وابتغاء مرضاتي} أي ولأجل تطلبكم بأعظم الرغبة لرضاي ولكل فعل يكون موضعًا له، وجواب هذا الشرط محذوف لدلالة {لا تتخذوا} عليه.
ولما فرغ من بيان حال العدو وشرط إخلاص الولي، وكان التقدير: فلا تتخذوهم أولياء، بنى عليه قوله مبينًا {تلقون} إعلامًا بأن الإسرار إلى أحد بما فيه نفعه لا يكون إلا توددًا: {تسرون} أي توجدون إسرار جميع ما يدل على مناصحتهم والتودد إليهم، وأشار إلى بعدهم عنهم بقوله: {إليهم} إبلاغًا في التوبيخ بالإشارة إلى أنهم يتجشمون في ذلك مستفتين إبلاغ الأخبار التي يريد النبي صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالوحي كتمها عنهم على وجه الإسرار خوف الافتضاح والإبلاغ إلى المكان البعيد {بالمودة} أي بسببها أو بسبب الإعلام بأخبار يراد بها أو يلزم منها المودة.
ولما كان المراد بالإسرار الستر على من يكره ذلك، قال مبكتًا لمن يفعله: {وأنا} أي والحال أني {أعلم} أي من كل أحد من نفس الفاعل {بما أخفيتم} أي من ذلك {وما أعلنتم} فأيّ فائدة لإسراركم إن كنتم تعلمون أني عالم به، وإن كنتم تتوهمون أني لا أعلمه فهي القاصمة.
ولما كان التقدير بما هدى إليه العاطف: فمن فعل منكم فقد ظن أني لا أعلم الغيب أو فعل ما يقتضي ظن ذلك، عطف عليه قوله: {ومن يفعله} أي يوجد الاتخاذ سرًا أو علنًا أو يوجد الإسرار بالمودة فالإعلان أولى في وقت من الأوقات ماض أو حال أو استقبال.
ولما كان المحب قد يفعل بسبب الإدلال ما يستحق به التبكيت، فإذا بكت ظن أن ذلك ليس على حقيقته لأن محبته لا يضرها شيء، وكان قد ستر المعايب بأن أخرج الكلام مخرج العموم، صرح بأن هذا العتاب مراد به الإحباب فقال: {منكم} وحقق الأمر وقربه بقوله: {فقد ضل} أي عمي ومال وأخطأ {سواء السبيل} أي قويم الطريق الواسع الموسع إلى القصد قويمه وعدله، وسبب نزول هذه الآية روي من وجوه كثيرة فبعضه في الصحيح عن علي ومنه في الطبراني عن أنس ومنه في التفاسير «أن سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف أتت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز لفتح مكة فسألها ما أقدمها، فقالت: ذهب موالي وقد احتجت حاجة شديدة، وكنتم الأهل والعشيرة والموالي، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني المطلب فأعطوها وكسوها وحملوها، فكتب معها حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم، فأعطاها عشرة دنانير، فنزل جبريل عليه السلام بالخبر فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر وعليًا وعمارًا والزبير وطلحة والمقداد وأبا مرثد وكانوا كلهم فرسانًا فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاط إلى المشركين، فخذوه منها وخلوا سبيلها، وإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها.
فانطلقوا تعادي بهم خيلهم، فأدركوها في ذلك المكان فأنكرت وحلفت بالله، ففتشوها فلم يجدوه فهموا بالرجوع، فقال علي رضي الله عنه: ما كذبنا ولا كذبنا، وسل سيفه فقال: أخرجي الكتاب أو لألقين الثياب ولأضربن عنقك، فقالت: على أن لا تردوني، ثم أخرجته من عقاصها قد لفت عليه شعرها، فخلوا سبيلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب: هل تعرف الكتاب قال: نعم، قال: فما حملك على هذا؟ قال: لا تعجل يا رسول الله، والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششت منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يدفع الله به عن عشيرته، وكنت غريبًا خليفًا فيهم، وكان أهلي بين ظهرانيهم فأردت أن أتخذ عندهم يدًا يدفع الله بها عن أهلي، وقد علمت أن الله تعالى ينزل بهم بأسه، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئًا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق ولا تقولوا له إلا خيرًا، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ففاضت عينا عمر رضي الله عنه وقال: الله ورسوله أعلم، فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم} الآيات»
.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: افتتحت- يعني هذه السورة- بوصية المؤمنين على ترك موالاة أعدائهم ونهيهم عن ذلك وأمرهم بالتبرؤ منهم، وهو المعنى الوارد في قوله خاتمة المجادلة {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم} إلى آخر السورة، وقد حصل منها أن أسنى أحوال أهل الإيمان وأعلى مناصبهم {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} [المجادلة: 22] فوصى عباده في افتتاح الممتحنة بالتنزه عن موالاة الأعداء ووعظهم بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام والذين معه في تبرئهم من قومهم ومعاداتهم، والاتصال في هذا بين، وكأن سورة الحشر وردت مورد الاعتراض المقصود بها تمهيد الكلام وتنبيه السامع على ما به تمام الفائدة لما ذكر أن شأن المؤمنين أنهم لا يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أقرب الناس إليهم، اعترض بتنزيهه عن مرتكباتهم، ثم أتبع ذلك ما عجله لهم من النقمة والنكال، ثم عاد الأمر إلى النهي عن موالاة الأعداء جملة له، ثم لما كان أول سورة الممتحنة إنما نزل في حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وكتابه لكفار قريش بمكة، والقصة مشهورة وكفار مكة ليسوا من يهود، وطلبوا المعادة للجميع واحد، فلهذا فضل بما هو من تمام الإخبار بحال يهود، وحينئذ عاد الكلام إلى الوصية عن نظائرهم من الكفار المعاندين، والتحمت السور الثلاث وكثر في سورة الممتحنة تزداد الوصايا والعهود، وطلب بذلك كله ولهذا المناسبة ذكر فيها الحكم في بيعة النساء وما يشترط عليهن في ذلك، فمبنى السورة على طلب الوفاء افتتاحًا واختتامًا حسب ما بين في التفسير لينزه المؤمن عن حال من قدم ذكره في سورة الحشر وفي خاتمة سورة المجادلة- انتهى.
ولما كان ما بينه تعالى من إخراجهم لهم موضحًا بعداوتهم وكان طول كفهم عن قصدهم بالأذى من سنة الأحزاب سنة خمس إلى سنة ثمان ربما شكك في أمرها، وكان سبحانه قد أعز المؤمنين بعد ذلهم وقواهم بعد وهنهم وضعفهم، وثقفهم بعد جهلهم، بين ظلال معتقد ذلك بأن كف الكفار إنما هو لعجزهم وأنهم لو حصل لهم ما هو للمسلمين الآن من القوة لبادروا إلى إظهار العداوة مع أن ذلك في نصر الشيطان، فأولياء الرحمان أولى باتباع ما آتاهم من الإيمان، فقال مبينًا لبقاء عداوتهم: {إن يثقفوكم} أي يجدوكم في وقت من الأوقات ومكان من الأماكن وهم يطمعون في أخذكم بكونهم أقوى منكم أو أعرف بشيء مما يتوصل به إلى الغلبة، وأشار بأداة الشك إلى أن وجدانهم وهم على صفة الثقافة مما لا تحقق له، وإنما هو على سبيل الفرض والتقدير، وأنه إنما علم سبحانه أنه لو كان كيف كان يكون، مع أنه مما لا يكون، ونبه على عراقتهم في العداوة بالتعبير بالكون فقال: {يكونوا لكم} أي خاصة {أعداء} أي يعدون إلى أذاكم كل عدو يمكنهم وإن واددتموهم.
ولما كانت العداوة قد تكون بإغراء الغير، عرف أنهم لشدة غيظهم لا يقتصرون على ذلك فقال: {ويبسطوا إليكم} أي خاصة وإن كان هناك في ذلك الوقت من غيركم من قتل أعز الناس إليهم {أيديهم} أي بالضرب إن استطاعوا {وألسنتهم} أي بالشتم مضمومة إلى فعل أيديهم فعل من ضاق صدره بما نجرع من آخر من غيركم من القصص حتى أوجب له غاية السعة {بالسوء} أي بكل ما من شأنه أن يسوء.
ولما كان أعدى الأعداء لك من تمنى أن يفوتك أعز الأشياء لديك، وكان أعز الأشياء عند كل أحد دينه، قال متممًا للبيان: {وودوا} أي وقعت منهم هذه الودادة قبل هذا لأن مصيبة الدين أعظم فهم إليها أسرع لأن دأب العدو القصد إلى أعظم ضرر يراه لعدوه، وعبر بما يفهم التمني الذي يكون في المحالات ليكون المعنى أنهم أحبوا ذلك غاية الحب وتمنوه، وفيه بشرى بأنه من قبيل المحال {لو تكفرون} أي يقع منكم الكفر الموجب للهلاك الدائم، وقدم الأول لأنه أبين في العداوة وإن كان الثاني أنكأ.
ولما كانت عداوتهم معروفة وإنما غطاها محبة القرابات لأن الحب للشيء يعمي ويصم، فخطأ رأيهم في موالاتهم بما أعلمهم به من حالاتهم، زهد فيها مما يرجع إلى حال من والوهم لأجلهم بما تورثه من الشقاء الدائم يوم البعث، فقال مستأنفًا إعلامًا بأنها خطأ على كل حال: {لن تنفعكم} أي بوجه من الوجوه {أرحامكم} أي قراباتكم الحاملة لكم على رحمتهم والعطف عليهم {ولا أولادكم} الذين هم أخص أرحامكم إن واليتم أعداء الله لأجلهم فينبغي أن لا تعدوا قربهم منكم بوجه أصلًا، ثم علل ذلك بينه بقوله: {يوم القيامة} أي القيام الأعظم.
ولما كان النافي للنفع وقوع الفصل لا كونه من فاصل معين قال بانيًا للمفعول على قراءة أبي عمرو ونافع وابن كثير وأبي جعفر وابن عامر من أكثر طرقه إلا أن شدد الصاد للمبالغة في الفصل: {يفصل} أي يوقع الفصل وهو الفرقة العظيمة بانقطاع جميع الأسباب {بينكم} أي أيها الناس فيدخل من شاء من أهل طاعته الجنة، ومن شاء من أهل معصيته النار، فلا ينفع أحد أحدًا منكم بشيء من الأشياء إلا إن كان قد أتى الله بقلب سليم فيأذن الله في إكرامه بذلك.
ولما كان التقدير إعلامًا بأن الله هو الفاصل وهو الضار النافع بما دلت عليه قراءة الباقين إلا أن حمزة والكسائي بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة إشارة إلى عظمة هذا الفصل بخروجه عن المألوف عودًا إلى الاسم الأعظم إشارة إلى عظم الأمر بانتشار الخلائق وأعمالهم: فاللّه على ذلك قدير، عطف عليه قوله: {والله} أي الذي له الإحاطة التامة {بما تعملون} أي من كل عمل في كل وقت {بصير} فيجازيكم عليه في الدنيا والآخرة، وقد مضى غيره مرة أن تقديم الجار في مثل هذا للتنبه على مزيد الاعتناء بعلم ذلك لا على الاختصاص ولا لأجل الفواصل. اهـ.